شهد عام 2024 إصدار عدة أبحاث بارزة في مجال الزراعة المستدامة، تناولت تقنيات حديثة وأساليب مبتكرة تهدف إلى تعزيز الإنتاج الزراعي والتكيف مع التغيرات المناخية. في هذا المقال، سنستعرض أربعة أبحاث محورية تم نشرها هذا العام، تتناول أنظمة الزراعة الهوائية والزراعة بدون تربة وتأثيرات التغذية المتكررة على نمو المحاصيل في بيئات مختلفة.
1. تطوير نظام الزراعة الهوائية للمحاصيل المعتدلة في المناطق الاستوائية المنخفضة
الأول من بين هذه الأبحاث هو دراسة أجرتها مجموعة باحثين من مركز الأبحاث الهندسية في ماليزيا. يركز البحث على تطوير نظام الزراعة الهوائية (Aeroponics) لزراعة المحاصيل المعتدلة في المناطق الاستوائية المنخفضة. تهدف هذه الدراسة إلى استكشاف إمكانية زراعة محاصيل لا تتكيف عادة مع المناخات الحارة باستخدام نظام هوائي، حيث يتم تعليق جذور النباتات في الهواء وتغذيتها عبر رش المغذيات في بيئة محكمة التحكم.
أظهرت الدراسة أن هذا النظام يمكنه توفير البيئة المثالية لنمو المحاصيل المعتدلة، من خلال التحكم في درجات الحرارة والرطوبة وتكرار الري بالمغذيات. تمت تجربة مجموعة من الإعدادات مثل التحكم بدرجة حرارة التبريد، وتردد الرش، ووجد أن هذه الأنظمة الهوائية قادرة على إنتاج محاصيل ذات جودة عالية في بيئات غير مواتية لها عادة. النتائج تعزز من إمكانية استخدام الزراعة الهوائية كحل لتحديات الأمن الغذائي، خاصة في المناطق المتأثرة بتغير المناخ.
2. الزراعة بدون تربة للمحاصيل الخضراء في البيوت المحمية
البحث الثاني يتناول أنظمة الزراعة بدون تربة، والذي تم نشره بواسطة جامعة كاليفورنيا ديفيس. يناقش البحث أنواع الأنظمة الزراعية بدون تربة، ويشمل الأنظمة المائية وأنظمة الوسائط الصلبة التي يمكن أن تحل محل التربة التقليدية لتوفير بيئة داعمة لنمو النباتات.
تشير الدراسة إلى أن الزراعة بدون تربة، سواء باستخدام الحلول المائية أو الوسائط الأخرى مثل الصوف الصخري أو الرمل، توفر للنباتات المغذيات الضرورية مع التحكم الكامل في البيئة المحيطة. النتائج أشارت إلى أن هذه الأنظمة يمكن أن تكون بديلاً عمليًا في المناطق التي تعاني من مشاكل في التربة مثل تدهور الأراضي أو انتشار الأمراض. الأنظمة المائية على وجه الخصوص أثبتت فعاليتها في زيادة الإنتاجية وجودة المحاصيل، مع تقليل استهلاك الموارد المائية.
3. تأثير تكرار التسميد على نمو الخضروات الهوائية
البحث الثالث الذي تم نشره يركز على دراسة تأثير تكرار التسميد على نمو الخس باستخدام أنظمة الزراعة الهوائية. أجريت هذه الدراسة في المجر وركزت على تقييم كيفية تأثير فترات وتكرار التسميد على نمو الخس المزروع في بيئات زراعية هوائية.
أظهرت النتائج أن التسميد المتكرر له تأثير كبير على النمو الإجمالي للنباتات، حيث أن الفترات الأقصر بين جرعات السماد ساهمت في نمو أسرع وإنتاجية أعلى. الدراسة توصلت إلى أن الزراعة الهوائية يمكن أن تكون حلاً فعالاً لتحسين إنتاجية الخضروات مع تقليل التكاليف المرتبطة باستخدام المياه والأسمدة، مما يعزز من كفاءة الزراعة المستدامة.
4. تأثير عدد البراعم الرأسية على إنتاجية الزعفران في الزراعة الهوائية والزراعة التقليدية
البحث الأخير الذي سنستعرضه يتناول تأثير عدد البراعم الرأسية على إنتاجية الزعفران وجودة الكلالات في نظامي الزراعة الهوائية والتقليدية. أجري هذا البحث في إيران، حيث تم زراعة الزعفران في كل من النظامين، وتمت مراقبة تأثير إزالة البراعم الجانبية على النمو والإنتاجية.
أظهرت النتائج أن الزراعة الهوائية تؤدي إلى زيادة ملحوظة في إنتاجية الزعفران مقارنة بالزراعة التقليدية. كما أن جودة الكلالات كانت أفضل في الأنظمة الهوائية، حيث كانت النسبة الأعلى من المركبات النشطة مثل الكروسين والسافرانال. هذا البحث يعزز من مكانة الزراعة الهوائية كأداة مبتكرة في إنتاج المحاصيل عالية القيمة مثل الزعفران، خاصة في البيئات التي تكون فيها الزراعة التقليدية أقل كفاءة.
خاتمة
في ضوء هذه الأبحاث الأربعة، يتضح أن التقنيات الحديثة في الزراعة مثل الزراعة الهوائية والزراعة بدون تربة توفر حلولاً مبتكرة وفعالة لمواجهة التحديات الزراعية العالمية. من تحسين إنتاجية المحاصيل إلى تعزيز جودة المنتجات وتقليل استهلاك الموارد، تقدم هذه الأبحاث رؤى جديدة حول مستقبل الزراعة المستدامة. تبرز هذه الدراسات أهمية البحث والتطوير المستمرين في مجالات الزراعة، خاصة في ظل التغيرات المناخية المتسارعة والضغوط المتزايدة على الأمن الغذائي العالمي.
Comentários